ملجرام والتعذيب وطاعة ولى الأمر
قام ملجرام بتجربته الشهيرة عن الطاعة والسلطة فى الستينيات , فى التجربة يقوم أحد المتطوعين بدور المعلم الذى يعاقب التلميذ إذا أخطىء فى أجابة السؤال الموجه له (فى لعبة تشبه الممورى) ويعلل المشرف على التجربة هذا العقاب بأنه سيؤدى إلى توقف التلميذ عن الخطأ وسيساعد التلميذ على التعلم بسرعة. العقاب عبارة عن صدمة كهربائية تبدأ ب45 فولت وتتدرج العقوبة بالزيادة 15 فولت عن كل خطأ حتى تصل إلى 450 فولت وقبل التجربة يوجه المشرف صدمة كهربائية للمعلم مقدارها 45 فولت حتى يستطيع المعلم تكوين صورة عن نوعية العقاب الذى يشعر به التلميذ.وعند تردد المعلم فى توجيه العقاب يستخدم المشرف هذه الجمل الأربعة بالترتيب:
- من فضلك أستمر
- من دواعى نجاح التجربة أن تستمر
- هذا ضرورى جداً أن تستمر
- أنت لا تملك أى خيار ويجب أن تستمر
ويحد جدار فاصل بين المعلم والتلميذ ومع كل خطأ يقوم المعلم بالضغط على الزر وتوجيه صدمة كهربائية للتلميذ , نتيجة التجربة كانت مرعبة لأن 62% من المتطوعين وصلوا إلى أستخدام الحد الأقصى للصدمات الكهربية وهو 450 فولت بينما أول المتطوعين الذى رفض أتمام التجربة كان عند 135 فولت.
كرر ملجرام التجربة تحت ظروف مختلفة منها أن يسمع المعلم التلميذ وهو يصرخ (تسجيل صوتى) أو أن يرى المعلم التلميذ (ممثل ) من خلال جدار زجاجى أو أن يتواجد المعلم والتلميذ فى نفس الغرفة وفى هذه الحالة كانت النتيجة أن 30% أستمروا فى توجيه العقاب حتى الحد الأقصى.
تكرار التجربة فى بلاد مختلفة أدى لنتائج متقاربة مما يدل على أنها ظاهرة أنسانية وليست حكر على مجتمع معين.
وهذه بعض البيانات المتعلقة بالتجربة:
85% من المتطوعين أظهروا الطاعة التامة فى بدايات التجربة
54% من المتطوعين أظهروا الطاعة التامة رغم أحتجاج الممثل الذى يقوم بدور التلميذ
98% أعتقدوا أن التلميذ يتألم بالفعل
15% أعتقدوا أن التلميذ قد مات
70% أعتقدوا التلميذ قد فقد الوعى
5% أعتقدوا أن التلميذ لم يتعرض للضرر
2% أبدوا أستعدادهم تبديل الأدوار مع التلميذ
40% لم يشعروا بالتوترأثناء التجربة
75% قاموا أثناء التجربة بألقاء المسئولية كاملة على المشرف رافضين تحمل أى مسئولية عن أفعالهم.
وحسب ملجرام فأن العوامل الأربعة التى قد تساعد على صناعة شخص مطيع أما م السلطة هى:
- أن يكون الشخص تربى منذ ولادته على طاعة الوالدين
- تدريب الشخص أثناء التأهيل والدراسة على الطاعة(الكليات العسكرية, الشرطة)
- خلال العمل يتم تذكيرهم بأنتظام أن الطاعة من ضروريات نجاح العمل
- الترقى والمكافأة أثناء العمل للشخص الذى يمتاز بالطاعة.
ملجرام وصل إلى النتيجة أن الأنسان عموماً يتأثر بالسلطة ويقوم بأعمال قد تخالف قناعته تحت هذا الضغط وهذه الأعمال قد تصل إلى التعذيب أو حتى القتل.
التجربة الثانية التى تتقاطع مع تجربة ملجرام هى تجربة سجن ستانفورد
تجربة سجن ستانفورد1971
تم أختيار 24 متطوع تم تقسيمهم عن طريق القرعة لتمثيل دور السجناء والحراس . المسجنون أرتدوا زى السجناء ذو الأرقام التقليدية والحراس زى الشرطة وبدأت التجربة فى أحد السجون الخالية تحت نفس ظروف السجون العادية.
فى اليوم الأول بدأ المتطوعون فى التعرف على دورهم وممارسة نشاطهم كمسجونين وكحرس.
فى اليوم الثانى أندلعت الثورة الأولى حيث مزق المساجين الأرقام الملصقة على الزى وقاموا بغلق أبواب الزنازين وكان رد فعل الحرس هو أستخدام طفايات الحريق فى رش المساجين وأخماد ثورة المساجين ومنذ هذه اللحظة بدأ الحرس فى تحقير وأذلال المساجين ,فى اليوم الثالث بدأت التجربة تأخذ منحنى خطير وتم نقل أحد المساجين إلى المستشفى لظهور أعراض صدمة عصبية عليه كما أن ليلاً حاول بعض الحراس عند أعتقادهم أن كاميرات المراقبة لا تستطيع أن تراقبهم القيام بأفعال سادية ضد السجناء مما أستدعى أحياناً تدخل المشرفون على التجربة لمنع هذا العنف . بعد ستة أيام قام المشرفون بوقف التجربة التى كان مقرر لها أسبوعان وخاصة أن المشرفين أنفسهم شعروا بأنحيازهم للحراس لكبت تمرد وثورة المساجين.
- من خلال التجربتان يتضح أن ممارسة التعذيب ضد الأخرين قد يكون بناء على طاعة الفرد و تأثره بالسلطة أو أن الشخص مريض بالسادية أوربما للسببين معاً.
أثار التعذيب النفسية للضحية وللجانى أيضاً:
الأثار النفسية للضحية كثيرة و معروفة بدءاً من فقدان الثقة بالنفس وفقدان الشعور بالأمان والأنطواء والفوبيا وحتى الأكتئاب النفسى وأحياناً الأنتحار.
هذا بالنسبة للضحية ولكن ماذا عن الجانى , الجانى الذى يقوم بممارسة التعذيب تظهر عليه أعراض نفسية مرضية كالأرق والأكتئاب وأحياناً العجز الجنسى ومن أشهر الكتب فى هذا المجال هو كتاب فرانز فانون ملاعين الارض الذى تعرض فيه لخبراته فى علاج الضحايا والجناة أثناء الحرب الجزائرية.
أطفال نيكاراجوا:
فى عهد ديكتاتور نيكاراجوا السابق أناستاسيو سموزا تم تجميع أطفال الشوارع من خلال الحرس الثورى وتأهيلهم للقيام بأعمال التعذيب ضد المعارضين السياسين وبعد رحيله خضع هؤلاء الأطفال للعلاج النفسى فى السويد ولكن تم وقف العلاج بعد فترة لعدم حدوث أى نجاح. وحتى الجناة البالغين الذين خضعوا للعلاج النفسى من جراء قيامهم بأعمال تعذيب يصف الكثير منهم حالة شعور بالخواء الداخلى وعدم القدرة على الأحساس بالمشاعر المختلفة.
تأهيل الجناة:
يتم تأهيل الجناة للتعذيب عن طريق توريث الخبرات فى أجهزة الأمن أو فى مراكز ومدارس خاصة من أشهرها
School of the Americas
فى جورجيا بالولايات المتحدة الذى تخرج منها أشخاص قتلوا مئات الألوف فى أمريكا الجنوبية مثل قيادات الكونترا ,كذلك روبرتو دى أوبسيون قائد فرق الموت فى السلفادور, نوريجا رئيس بنما السابق. وقد فشل كنيدى الصغير فى محاولات عديدة وكذلك الكثير من أعضاء منظمات حقوق الأنسان فى أصدار قرار من الكونجرس لغلق هذه المدرسة .
هنا لينك لتجربة ملجرام
http://www.wernersplace.com/obedience2.htm
أو هنا