Sunday, July 01, 2007

الدوامة والدرفيل


بعدما ثبت نظارة السباحة على عينيه أنزلق بهدوء من حافة المسبح العام فى الحارتان المقتطعان للسباحين المهرة.

فرد جسمه فوق الماء كأنه يقف على أطراف أصابعه ويحاول أن يلمس السقف ولكن فى وضع أفقى وبينما غطس وجهه فى الماء و قدميه تتحرك تحت الماء بحركة تبادلية رفع ذراعه الايمن المفرودة على اخرها واصابع يديه المقفلة برفق وتركها تنزلق على الماء بنعومة كأنه يتحسس وجه الماءلا يحب من يستخدم ذراعيه وقدميه فى ضرب الماء كعصا البيسبول ,لا يضرب الماء ولكن يضغطها برفق بكامل ذراعه بينما تحتك رمانة الكتف بأذنه بخفة وعندما تخرج رأسه من الماء ليتنفس يلمح ذراعه تبرق وفى نفس الوقت قطرات الماء القليلة التى تنزلق على ذراعه لا رذاذ لا صوت كأنه يسبح فى بحيرة من الزئبق......... واحد اثنان ثلاثة اربعة ثم نفس من جهة اليمين........واحد اثنان ثلاثة اربعة ثم نفس من جهة اليسار.

.يلمح سباح أو سباحة جديدة يقفز فى الحارة سوف يتركه يتخطاه إذا كان القادم الجديد من أنصار السرعة وينتظر, غالباً بعد أن يسبح القادم الجديد بطول الحمام ذى الخمسة وعشرين متر خمسة أو ستة مرات سيأخذ جانب لألتقاط أنفاسه ومراقبة السباحين الأخرين ثم معاودة الكرة , أما إذا كان القادم الجديد من هواة السباحة لوقت طويل وإذا كانت سرعتهما متناسبة سيسبح خلفه أو أمامه وستكون المنافسة بينهما من يتوقف أولاًَ لألتقاط أنفاسه غالباً سيتوقف القادم الجديد بعد عشرين أو ثلاثين دقيقة أما هو فسيستمر حتى يأتى سباح أو سباحة اخرى ليعيدا الكرة من جديد,فى المعتاد يسبح لمدة ساعة ونصف , فى الماضى كان يسبح لعدة ساعات ولكن ضغط النظارة على الجلد لمدة طويلة أصابه بحساسية مما أضطره للتوقف عن السباحة منذ عدة أعوام.

بينما كان فى السادسة وعلى شاطىء المنتزة لمح جسم يلمع على أحد الصخور البعيدة فقفز إلى البحر حتى وصل إلى الصخرة وكلما حاول الصعود فوقها كانت الماء تشده إلى أسفل لم يكن يفهم أن الدوامة تحاول أن تسحبه إلى القاع , لم يتخلى عن القبض على الصخرة وتوقف عن محاولة الخروج حتى يستريح وفجأة أحس بمن يمسك به ويسبح به فى أتجاه الشاطىء أخذ يصرخ ويحاول التملص منه للرجوع وألتقاط الجسم اللامع من فوق الصخرة ولكنه لم يستطيع أن يتغلب على الشاب , على الشاطىء نظر بدهشة لأبيه وهو يشكر الشاب بحرارة ثم أخبره الأب أنه كاد أن يغرق ويموت ومنذ هذه اللحظة منعه الأب من السباحة , يستطيع أن ينزل إلى الماء ولكن حتى تصل الماء إلى حافة المايوه , هذه كانت القاعدة و إذا أعترض يجيب الأب هل تريد أن تموت هل نسيت ماحدث.

استمر هذا الوضع حتى بلغ العاشرة وفى أحد المرات على شاطىء البيطاش تجرأ وسبح حتى وصلت المياه لى كتفيه وفجأة سحبته المياه مرة واحدة أخذ يسبح برعب محاولاً العودة ولكنه كلما توقف وجد نفسه بمكانه لم يريد أن يصرخ طلباً للنجدة فكبرياءه يمنعه من ذلك علاوة على خوفه من الأب. وهنا ظهرت سيدة أجنبية ترتدى البكينى لا يقل وزنها عن مائة كيلوجرام ذات صدرضخم ربما أضخم صدر رأه فى حياته تمر بجانبه فتعلق بصدرها بينما هى تسحبه إلى الخارج ناظرة بتعجب لهذا الطفل الذى يتعلق بصدرها بكلتا يديه بهذه العصبية وعندما أستطاع الوقوف على قدميه ترك الصدر وخرج ليجلس على الرمال , من يومها أصبح البحرمصدر للرهبة والخوف.

لم ينزل إلى البحر حتى بلغ الخامسة عشر عندما أخذ فى الذهاب إلى شاطىء ميامى مع أصدقاءه بدون معرفة الأهل , تجرأ من جديد ونزل الماء وتعلم أن يسبح إلى الجزيرة ولكن دائماً كانت رأسه فوق الماء لا يضع رأسه أبداً فى الماء ,العلامة المعتادة لمن بمر بتجربة الغرق , كان الآن يستطيع أن يسبح عدة مرات إلى الجزيرة وأحياناً كان يضع مع أصدقاءه عدة سجائر فى كيس من البلاستيك ويغلقوها بأحكام ويسبحوا حتى الجزيرة وهناك يستلقوا على ظهورهم ويقوموا بالتدخين سوياً مع ذلك فأن أحساس الخوف لم يفارقه كلما نزل إلى الماء.

فى البلد الجديد حلم فى ليلة أنه يسبح على وجه الماء كسمكة , لم يكن يسبح ولكن ينزلق.. ينساب بسرعة وبسعادة , أستيقظ بمشاعر دهشة وخفة وفى نفس الوقت بأنقباض , هذه المشاعر ظلت ملازمة له لعدة أيام ولما لم يستطع أن يتخلص منها بحث فى دليل التليفون عن مدرسة لتعليم السباحة.

عندما أخبر معلم السباحة أنه يريد أن يتعلم سباحة الدرفيل سأله المدرب إذا كان يجيد أساليب السباحة الأخرى فلما أجاب بنعم طلب منه المدرب أن يسبح وبعد أن أستعرض مهارته فى جميع اساليب السباحة نظر المدرب له وقال بهدوء أنت لا تعرف أى نوع من أنواع السباحة يجب أن تبدأ من الصفر.

درس فى الأسبوع لمدة ساعة فى حمام لا يزيد عمقه عن مترمستخدماً لوحة من الفلين او عوامة حتى تساعده على الطفو بينما يوضح له المدرب نوع الحركة التى يجب أن يتدرب عليها , ينفذ تعليمات المدرب بينما الأطفال من حوله يسبحوا بكل سلاسة وتمكن وهو بأعوامه الثلاثين لا يملك مهارتهم. وأثناء الأسبوع كان يذهب كل يوم للتدريب وحده.

بعد اثناعشر حصة تعليم أخبره المدرب أنه الآن يعرف ماذا يجب أن يفعل وعليه الآن أن يذهب للسباحة بأنتظام , بعد عامان من السباحة شبه اليومية أكتشف أنه يستطيع أن يسبح لساعات بدون توقف, حتى أصيب بهذه الحساسية من نظارات العوم.

منذ عدة شهور حلم الحلم مرة أخرى , وفى اليوم التالى ذهب لحمام السباحة......... واحد اثنان ثلاثة اربعة ثم نفس من جهة اليمين........واحد اثنان ثلاثة اربعة ثم نفس من جهة اليسار.